بعد ستة أعوام
أخيراً كانت الجرأة في اتهام من تسبب في تفجير الطائرة المصرية
الدكتور إبراهيم عبد النور : ( كلنا شركاء) 28/8/2005
وأخيرا كان لابد من الإعلان عن حقيقة حادث سقوط طائرة البوينغ الضخمة المصرية عام 1999 جاء النبأ وجاء الإعلان هذا بارداً دبلوماسياً وكأن إسقاط طائرة بشكل متعمد ومقتل أكثر من 300 راكباً شيء عادي لا يحتاج لضجة وإثارة على مختلف المستويات الدولية وعلى مختلف المستويات الإعلامية والغريب إن الإعلان لم يرافقه أي تعليق أو تعبير عن الألم والاحتجاج بل عن الغضب والثورة. هل مثل هذا الأمر: قتل 300 راكباً بينهم جيل كامل من الضباط القادة في الحرب الالكترونية عائدون بعد إنهاء دراستهم وتدريبهم في الولايات المتحدة لا يحتاج هذا الشكوى لمجلس الأمن والإشارة على المستوى الدولي أو منظمة الطيران الدولية أو منظمات حقوق الإنسان...
بتاريخ 12/8/2005 نقلت بعض وسائل الإعلام القليلة الخبر التالي: (القاهرة تتهم لأول مرة واشنطن بالمسؤولية عن سقوط طائرتها عام 1999 قبالة السواحل الأميركية).
يتساءل المرء لماذا كان السكوت على الحقيقة طوال ست سنوات حتى تم الإعلان الرسمي عن الإرهاب وعن الجريمة وعن الضرر في إسقاط طائرة مدنية ضخمة؟
الحقيقة لا تكتمل صورة الجريمة والعملية الإرهابية هذه إلا إذا تم ربطها بسقوط طائرة مدنية أخرى قبل ذلك وسقوط طائرة مدنية أخرى بعد حادث الطائرة المصرية. كان سقوط هذه الطائرات مقصود وكانت موضع تجربة واختبار لجهاز يركب على الطائرة والمستهدفة من قبل صاروخ. هذا الجهاز يشوش اتجاه الصاروخ ويمنعه من إصابة الطائرة الهدف والجهاز قيد التجربة والبحث ومن صناعة إسرائيلية - أميركية.
1 - قصة إسقاط الطائرة الأولى: تمت تجربة جهاز التشويش والتضليل للصاروخ الموجه نحو طائرة البوينغ الأميركية في حوالي منتصف تموز عام 1996 انفجرت الطائرة وهي في الجو بعد دقائق من إقلاعها من مطار نيويورك باتجاه أوروبا. كان عدد الركاب في الطائرة كاملاً بحيث قتل جميع من فيها مع الملاحين: كان لهذا السقوط صدى كبير في الولايات المتحدة والعالم لكثرة عدد الضحايا هذا الصدى ترافق بألم وحزن عام وبإقامة شعائر دينية على روح القتلى قرب الساحل في مواجهة مكان سقوط الطائرة وبإلقاء أكاليل الورود والزهور على مياه المحيط.
كان أكثر الغاضبين لهذا الحادث هو الرئيس الأميركي كلينتون حيث هدد بأنه سيمسح البلد من الخارطة فيما إذا تبين إن سقوط الطائرة جاء نتيجة عمل تخريبي ومن قبل إرهابي خرج من ذلك البلد.
نشرت الصحف وقتها بعض الرسائل من مواطنين شاهدوا صاروخاً انطلق من البحر وأصاب الطائرة إلا أن البحرية الأميركية نفت أن تكون لديها مناورات بحرية استخدمت صواريخ أو تدريب في وقت سقوط الطائرة. بقي التحقيق وبقي البحث عن قطع الطائرة وجمعها مدة أكثر من شهر وبقيت نتيجة التحقيق غير قاطعة وبذلك يكون قد تم إنقاذ سمعة طائرة البوينغ.
2 - أما الطائرة الثانية التي انفجرت في الجو هي أيضا طائرة بوينغ (جامبو) وهي طائرة مصرية وعلى متنها أكثر من 300 راكباً عائدة للقاهرة. أقلعت من نفس المطار في نيويورك باتجاه القاهرة وعلى متنها 32 ضابطاً من كبار ضباط الحرب الالكترونية عائدون إلى بلدهم بعد إنهاء تدريبهم ودراستهم في الولايات المتحدة وتراوحت رتبهم بين العقيد واللواء. لقد كان لسقوط الطائرة وقع مؤلم جدا ليس في مصر وحدها بل في جميع البلدان. ولم ينل سقوط الطائرة المصرية ذلك الغضب الذي حصل عند سقوط الطائرة الأميركية ولم تصدر تعليقات أو توقعات عن الحادث حتى بضعة أيام حين تم اكتشاف الصندوق الأسود للتسجيلات وللأحاديث في قمرة الطيارين ثم استمر البحث لجمع أجزاء الطائرة الموزعة على مساحات واسعة من المحيط. وبعد لقاء لجان التحقيق والمناقشة لتحديد الأسباب تبين للجانب الأميركي إن العملية هي عملية انتحار من قبل مساعد الطيار المصري اذ وجدوا في شريط التسجيل للصندوق الأسود ان مساعد الطيار ذكر عدة مرات اسم الله العلي القدير وطالبا الرحمة والغفران. أما المصريون فقد وجدوا أن ذيل الطائرة مصاب نتيجة عمل تخريب! ي. بقي الأميركيون مصرين على رأيهم من أن الطائرة سقطت نتيجة عمل انتحاري على الرغم من شهادات زوجة مساعد الطيار وأولاده من إن رب اسرتهم لا يمكن أن يفكر بالانتحار وأنه اتصل بهم قبل يوم عودته المنتظرة لرؤيتهم وطلب ما يرغبونه من الحاجات والهدايا لجلبها لهم من أميركا.
أصر أيضاً المصريون أن عملا تخريبياً سبب سقوط الطائرة. وهكذا بقي الطرفان متباعدين عن الحكم المؤكد وعن الاتفاق على رأي واحد.
ذلك أن الأميركيين حريصون على سمعة الطائرة والشركة الصانعة لها ولا يهمهم أي تعليل آخر لقد وجد من اعلم الصحافة أو تحدث عن انه شاهد صاروخاً ينطلق نحو الطائرة ويفجرها ولم تحرك هذه المعلومات أيضا أي من المحققين والمسؤولين الأميركيين.
في الأسبوع الماضي أي في 12 - 12 آب 2005 وبعد ست سنوات ظهر في بعض الصحف العربية القليلة نقلاً عن وكالات الأنباء ذكر للحادث بشكل دبلوماسي كما يلي:
(القاهرة تتهم لأول مرة واشنطن بالمسؤولية عن سقوط طائرتها عام 1999 قبالة السواحل الأميركية), وتحت هذا العنوان ذكرت الصحيفة كما يلي:
وجهت الحكومة المصرية للمرة الأولى إدانة رسمية إلى الولايات المتحدة في كارثة الطائرة المصرية التي سقطت قبالة السواحل الأميركية عام 1999 والتي كان على متنها أكثر من 45 ضابطاً من القوات المسلحة المصرية في الوقت الذي برأت فيه الحكومة مساعد الطيار جميل البطوطي الذي اتهمته سلطات التحقيق الأميركية، بالمسؤولية عن الحادث بزعم انه اقدم على الانتحار.
(قالت جريدة البيان الإماراتية في عددها الصادر أمس أن الحكومة المصرية اتهمت في تقريرها الرسمي إلى مجلس الشعب سلطات التحقيق الأميركية في الحادث بإخفاء الحقائق التي أظهرها التحقيق للنشر على مسؤولية الولايات المتحدة عن الحادث، وكشفت وزارة الطيران المصرية في تقريرها عن رفض سلطات التحقيق الأميركية، اطلاع فريق التحقيق المصري على معلومات الرادار المتعلقة بمسار الطائرة والحادث بزعم أنها معلومات سرية ولا يجوز إفشاؤها).
3 - الطائرة الثالثة والانفجار: أما الكارثة الثالثة لعملية تجريب الجهاز الواقي من الصواريخ فكانت من نصيب طائرة مدنية أوكرانية أقلعت من مطار تل أبيب متجهة إلى أوكرانية وتحمل ثمانين راكباً من المهاجرين الروس الإسرائيليين كان ذلك بعد ما يقارب السنتين وأكثر من حادثة الطائرة المصرية، يبدو أنه كان هناك تواطؤ بين المخابرات الإسرائيلية والأوكرانية على توجيه صاروخ نحو الطائرة الأوكرانية حين وصولها فوق بحر قزوين إثناء وجود مناورات بحرية أوكرانية وكان نتيجة ذلك سقوط الطائرة ومقتل كافة الركاب وطاقم الطائرة، أعلنت البحرية الأوكرانية إن احد الصواريخ البحرية انحرف عن مساره أثناء المناورات العسكرية وتاه عن الهدف وأصاب الطائرة القادمة من إسرائيل. لم تنل تلك الحادثة ذلك الاهتمام الكبير على الرغم من العدد الكبير للضحايا إلا أن التحقيقات سرعان ما أظهرت أن هناك تواطؤا كبيراً بين المخابرات والجيش في أوكرانيا والمخابرات الإسرائيلية وانتهى الأمر إلى إعفاء وزير الدفاع وإعفاء رئيس الأركان وعدد من ضباط المخابرات الأوكرانية كما أحيل بعض الضباط إلى التحقيق.
4 - التجربة الرابعة والناجحة: فقد تمت على طائرة بوينغ تابعة لشركة (العال) الاسرائيلية أقلعت من مطار العاصمة الكينية إلى مطار تل أبيب ناقلة السواح الإسرائيليين العائدين من إجازة سياحية هناك. من المعروف أن كينيا هي مركز المخابرات الإسرائيلية لدول شرق إفريقيا وتضم فنادق وملاهي وسواحل جميلة يرتادها السواح الإسرائيليون وتمت التجربة بعد التجربة الأوكرانية بسنتين ففي ظهر اليوم المقرر لإجراء التجربة وإطلاق الصاروخ على الطائرة، تم نقل كافة السواح الإسرائيليين من الفندق إلى المطار للعودة إلى تل أبيب. ولم يبقى في الفندق سوى عنصران وللتمويه تم إحداث انفجار في الفندق لجلب الأنظار فيما إذا فشلت عملية الصاروخ يكون هناك إثبات بوجود عملية إرهابية ضد الإسرائيليين سواء للفندق أو للطائرة فيما إذا سقطت. وما كادت الطائرة (العال) ترتفع في الجو حتى تم توجيه الصاروخ نحو الطائرة وفي هذه المرة نجح الجهاز ولم تصب الطائرة.
لم يثار موضوع التفجير للفندق في العاصمة الكينية كما لم يثار موضوع الصاروخ الذي شاهد انطلاقه الكثيرون حتى في المطار لقد نسي الإسرائيليون أمام فرحتهم بنجاح الجهاز من إثارة الإعلام والشكوى واتهام القاعدة أو بن لادن أو.... أو...
في اليوم التالي بالذات أعلنت السلطات الإسرائيلية أنها تعمل على تطوير جهاز لتشويش الصواريخ الموجهة نحو الطائرات المدنية لوقايتها من الإصابة. كما أعلنت وزارة الطيران الأميركية بعد أسبوع تماما أنها قررت تزويد الطائرات المدنية كافة في الولايات المتحدة والبالغة سبعة آلاف طائرة بجهاز يشوش الصواريخ الموجهة نحو الطائرات ويحميها من الإصابة.
5 - هذه هي قصة التجارب لجهاز أدى إلى حدوث قرابة ألف ضحية. من المسؤول عن الضحايا؟, من المسؤول عن محاكمة المجرمين؟ من المسؤول عن حقوق الإنسان، من المسؤول عن التحقق من سلامة الطيران الدولي الحامية للطيران المدني؟ من المسؤول عن الأعمال الإرهابية التي ارتكبتها إسرائيل في تدمير الطائرات وحدوث ألف ضحية؟ إنها إسرائيل التي فجرت شرم الشيخ مؤخرا وطابا, إن إسرائيل هي التي فجرت السفارة الأميركية في كينيا وأوغندا وهي التي فجرت مقر الأمم المتحدة ومندوبها في بغداد... الخ.