يعتبر نقل التيار الكهربائي من مصادر إنتاجه إلى أماكن استهلاكه أحد أهم التحديات والعقبات التي تقف في وجه العلماء ، فمنذ أن تم إنتاج التيار الكهربائي ، ووسيلة نقله وإيصاله إلى المستهلكين كانت تتم عبر شبكة هائلة من الأسلاك النحاسية والمعدنية والتي يتم تثبيتها على أعمدة خاصة منتشرة في الشوارع والأزقة ،أو يتم دفن تلك الأسلاك في باطن الأرض داخل أنابيب خاصة لذلك .
إن هذا الأسلوب في نقل التيار الكهربائي ، ينطوي على الكثير من السلبيات ، فهو مكلف للغاية بسبب كلفة مد تلك الأسلاك المعدنية ، وضرورة إجراء صيانة دورية لها ، كما أن تلك الشبكات الضخمة من الأسلاك تستهلك جانبا لا يستهان به من الطاقة الكهربائية على شكل طاقة حرارية تنبعث نحو الهواء المحيط بها ، أضف إلى ذلك ، أنها تشوه المنظر الجمالي في الأماكن التي تمر فيها سواء كانت في الشوارع أو الغابات أو المزارع أو بمحاذاة الشواطئ البحرية .
من هنا كرس الكثير من المهندسين والتقنين جانبا كبيرا من أبحاثهم للتوصل إلى طريقة لنقل التيار الكهربائي دون استخدام الأسلاك التقليدية ، وكان تفكيرهم يتمحور حول ابتكار طريقة لنقل الطاقة الكهربائية على شكل موجات دقيقة لا تلحق الضرر لمن قد يتعرض لها وهي تسير عبر الهواء .
تجارب ناجحة
بالرغم من غرابة الفكرة ، إلا أن عددا كبيرا من الباحثين كرسوا جهدهم لتحقيقها بشكل عملي على أرض الواقع ، وبالفعل تم ذلك في 16 أيار من عام 2001 ، حيث تمكن المهندس ( غي بنيوليه ) من المركز الوطني للدراسات الفضائية في فرنسا ، من نقل تيار كهربائي داخل قاعة اجتماعات كبيرة ولمسافة 40 مترا على شكل موجات قصيرة ليضئ مصباح كهربائي بقدرة 200 واط.
آلية تحويل ونقل التيار الكهربائي
إن فكرة نقل التيار الكهربائي دون أسلاك ليست بالأمر الجديد ، فقد صرح العديد من الباحثين بإمكانية تحقيق ذلك عمليا من خلال بعض التقنيات الخاصة بذلك ، وتقوم هذه الطريقة على نقل التيار الكهربائي بالطرق التقليدية إلى محطات التحويل القريبة من التجمعات السكنية ، وفي تلك المحطات يتم تحويل الطاقة الكهربائية إلى أمواج كهرومغناطيسية دقيقة كما في فرن الميكروويف وذلك باستخدام ما يعرف بالمغنترون Magnetron أو الكليسترون Klystron والذي يستخدم في أنظمة الرادار حاليا و يمكن ضبط تردده بسهولة .
يتم بعدها بث تلك الموجات الكهرومغناطيسية إلى محولات خاصة بالقرب من منازل المستهلكين حيث توجد هوائيات خاصة ، تستقبل تلك الموجات وتحولها مرة ثانية إلى تيار كهربائي ذي ضغط عال ومن ثم إلى تيار كهربائي متردد بجهد 220 فولت أو 110 فولت .
مشاريع مستقبلية
مما لا شك فيه أن هذه التقنية سوف تشكل منعطفا هاما في مسيرة التقدم العلمي في العالم ، ففي حال التأكد من نجاحها وأنها لا تشكل خطرا على من يتعرض لمثل تلك الموجات الكهرومغناطيسية ، فان الخطوة التالية ستكون نحو الفضاء الخارجي ، حيث سيتم إنشاء محطات متطورة لتوليد الطاقة الكهربائية في الفضاء الخارجي من خلال مجموعة هائلة من الأقمار الصناعية التي تلتقط الطاقة الشمسية وتحولها إلى موجات كهرومغناطيسية قصيرة ترسلها إلى مستقبلات أرضية تعمل على تحويل تلك الموجات إلى طاقة كهربائية.
إن وضع تلك الأقمار الصناعية المجهزة بألواح شمسية في مدار ثابت حول الأرض يمكنها من أن تعطي تيار كهربائي بمدل 140 ملي واط طاقة لكل سم2 ، أي أكثر بثمان مرات من الطاقة الكهربائية عند وجود نفس تلك الألواح على سطح الأرض ، وذلك بسبب أن تلك الألواح في الفضاء الخارجي لا تتأثر بالغيوم أو بتقلبات الطقس أو بتعاقب الليل والنهار كما هو الحال على سطح الأرض .[b]