قصة حياة انديرا غاندي التي رفضت ان تكون مجرد امرأة تغسل الثياب لتصبح رئيسة لوزراء حكومة بلادها الهند ثم تموت غيلة من قبل أحد حراسها الشخصيين.
مؤلفة هذا الكتاب، السيدة كاثرين فرانك، ولدت وتعلمت في الولايات المتحدة الأميركية. وكانت استاذة في جامعات افريقيا الغربية، والشرق الأوسط، وبريطانيا. وقد أمضت ست سنوات في كتابة قصة حياة سيدة الهند الأولى: انديرا غاندي. وفي اثناء هذه السنوات الست زارت الهند عدة مرات وأمضت فيها فترات طويلة من اجل البحث في الارشيف ومقابلة الشخصيات التي تعرفت الى «انديرا» عن كثب. والآن هي تعيش في انجلترا.
هذا الكتاب الضخم يعتبر اهم سيرة تصدر عن انديرا غاندي حتى الآن. وقد علقت عليه الصحافة الانجليزية قائلة: من يريد التعرف على هذه المرأة الاستثنائية التي حكمت الهند ينبغي ان يطلع على هذا الكتاب. ففي جريدة «الصندي تايمز» تقول الناقدة جني موراي عن الكتاب ما يلي: انها سيرة مذهلة لم يتح لأحد ان يكتبها من قبل. انها سيرة امرأة انتخبت على اساس انها اهم امرأة ظهرت في القرن العشرين. انها امرأة دفعت دفعاً الى ساحة المعترك السياسي من قبل الرجال ثم افسدت من قبل السلطة، ثم قتلت من قبل اولئك الذين ينبغي ان تثق بهم اكثر من غيرهم: حرسها الشخصي بالذات!
فمن هي انديرا غاندي يا ترى؟ ولدت انديرا في 19 نوفمبر من عام 1917 في عائلة شهيرة هي عائلة جواهر لال نهرو احد قادة الحركة الوطنية الهندية المناضلة ضد الاستعمار الانجليزي. وخارج غرفة المستشفى كان هناك جمهور كبير ينتظر الحدث السعيد ويأمل ان يكون المولود ذكراً! ولهذا السبب تأخرت جدتها في ابلاغ النبأ الى مجلس الرجال حيث كان يوجد والد الطفلة وجدها وعشرات الشخصيات الاخرى. فليس من السهل عليك ان تعلن للجميع في المجتمع الشرقي ان المولودة أنثى لا ذكر..
في الواقع ان والدها كان شخصاً مستنيراً وعقلانياً ولم يمكن يزعجه اطلاقاً ولادة بنت له. ولكن المجتمع الهندي لم يكن متقدماً الى نفس الدرجة التي وصلها قادته. وقد كتب لها والدها رسالة فيما بعد يقول فيها: في العام الذي ولدت فيه اندلعت الثورة الروسية على بعد آلاف الكيلومترات من هنا.. لقد ولدت يا انديرا في عصر الاعاصير والاضطرابات. وراح يحلم لها بمستقبل غامض، عظيم، اسطوري.. ولم تكذب الايام توقعاته، فلم يتح لأي امرأة هندية ان تصل الى المرتبة التي وصلت اليها ابنته.
فيما بعد ارسلها والدها لكي تدرس في الجامعة التي اسسها شاعر الهند الأكبر: طاغور. وقد كتب رسالة خاصة الى سكرتيرة الشاعر يقول فيها: «لي نظرة خاصة عن التربية. لا أريد لابنتي ان تكون مجرد امرأة تغسل الثياب وتنظف البيت.. اتمنى ان تدخل معترك الحياة العامة كأي شخص آخر، كأي رجل. ولهذا فمن المفضل ان تشتغل في معمل ما لسنة كاملة، مثلها في ذلك مثل بقية العمال والعاملات. لا ينبغي ان تشعر بأنها متميزة عن الآخرين. فالعمل جزء لا يتجزأ من التربية وهو الذي يشكل الشخصية».
في الواقع ان نهرو الذي كان ينتمي الى عائلة ارستقراطية كبيرة لم يكن يثق بالجامعات الهندية ولا بمستواها. وحدها الجامعات البريطانية كانت تعجبه. وكان يريد لابنته تربية صارمة لا متساهلة ولا كسولة. وعلى الرغم من ان نهرو كان يبجل الشاعر والفيلسوف طاغور كثيراً الا انه لم يكن يثق بجامعته.
ولكنه رضي بأن تذهب انديرا الى هذه الجامعة لفترة من الزمن قبل ان يتاح لها مغادرة البلاد للدراسة في احدى الجامعات الاوروبية. فيما بعد سوف تقول انديرا غاندي ان جامعة طاغور كانت اهم جامعة درست فيها، وانها تعلمت منها اشياء لم تجدها في اي جامعة هندية او أوروبية اخرى.
كان طاغور قد اسس مدرسته (او جامعته) عام 1951 وخلع عليها اسم «مقر السلام». وكان يحاول ان يقيم مصالحة معقولة بين الثقافة الهندية والثقافة الاوروبية. وكانت الجامعة تشمل ثلاثة اقسام: قسم الفنون الجميلة، وقسم الموسيقى، وقسم الثقافة الهندية. وكان الاساتذة يشجعون التلامذة على استخدام ايديهم واطلاق العنان لمواهبهم الفنية. والأجمل من ذلك هو ان الدروس كانت تعطى في الهواء الطلق لا بين جدران الغرف. وكانت المنطقة جميلة جداً بالغابات والانهار. ضمن هذا الجو عاشت انديرا غاندي بعض الوقت وكبرت وترعرعت. ولذلك تركت المدرسة في نفسها ذكرى لا تنسى. وفور وصولها الى المدرسة كتبت الى والدها رسالة تقول فيها: «أخيراً وصلنا الى المنطقة. كل شيء جميل هنا ومليء بالفن والغابات الوحشية».